الكوثر الطيّب:مولد الحسن عليه السلام New Page 2 Nano Nano Made on Update- by MaxPack موقع بضعة الرسول ع

موقع بضعة الرسول ع

الكوثر الطيّب:مولد الحسن

مع شروق شمس الخامس عشر من رمضان للسنة الثالثة للهجرة ( الأول من آذار سنة 625 ميلادية ) أطلّ وجه الوليد الأول لعليّ وفاطمة عليها السلام فأضاء نور وجهه البيت السعيد.

وهرولت أسماء بنت عميس تزفّ البشرى لعليّ فتهلّل وجهه فرحاً وانفرجت أساريره وأسرع يهنئ فاطمة بسلامتها ويبارك لها مولودها ويشدّ على يديها بحنان وودّ بالغين.

رنت فاطمة إلى زوجها وقد رفعت إليه ابنه:

ـ سمّه يا علي.

ـ ما كنت لأَسبق باسمه رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم .

تناول عليّ ابنه الأول يتأمله ويشمّه ويضمّه إليه، وقد نهل من عمن حوله، وصحا من تأملاته على صوت رسول الله يقول:

ـ أورني ابني، ما سميتموه يا عليّ ؟!

ناول عليّ ابنه لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم وهو يقول له:

ـ ما كنا لنسبقك باسمه يا رسول الله، فسمَّه أنتَ.

ـ وما كنت أنا يا عليّ لأسبق ربّي عزَّ وجلَّ باسمه.

أماط النبيّ عن الوليد خرقةً صفراء كان قد لُفّ بها واستبدلها صلّى الله عليه وآله وسلّم بخرقة بيضاء لفّه بها بعناية وتمهّل، ثم رفعه بين يديه وضمّه إلى صدره بحنان بالغ، وأذّن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى، فما انتهى من ذلك حتى انضمّ إليهم جبرائيل عليه السلام ينقل إليهم التهاني الربّانية من الله عزَّ وجلَّ ويقول لرسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم :

ـ يا رسول الله إن أخاك عليّاً منك بمنزلة هارون من موسى، وإن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تسمّي ابنه باسم ابن هارون.

ـ وما كان اسم ابن هارون يا جبرائيل ؟

ـ شُبَّر بلسان العبري والحسن بلسانك العربي.

ـ فليكن اسمه شُبَّر وليكن الحسن كما أمر ربّ العزة سبحانه وتعالى( 1 ).

وهكذا كان الحسن البرعم الأول من براعم الشجرة المباركة وطليعة الكوثر الطيّب الطاهر الذي وعد رسول الله به عليّاً وفاطمة.

وكان الحسن اسماً على مسمّى وكان كثير الشبه بأبيه عليّ بن أبي طالب عليهم السلام( 2 ).

وفي اليوم السابع عق عنه النبيّ صلّى الله عليه وآله وسلّم بكبشين أملحين، وحلق شعر رأسه وتصدّق بوزنه فضة وطلى رأسه بالطيب.

بولادة الحسن زادت الأعباء على كاهل الزهراء فاطمة، فقلّت زيارتها لأبيها لتتفرّع للاعتناء بالغرس النبويّ المبارك وتربيته بالإضافة إلى الاعتناء بالبيت العلوي الطاهر وتهيئة كلّ أنواع الراحلة المتاحة ـ ولو نفسياً على الأقل ـ للزوج الودود العطوف.

وبولادة الحسن زادت الأعباء على كاهل عليّ كذلك لتأمين المسلتزمات الضرورية على الأقل التي تعين على استمرار الحاية الطبيعية لهذه الأسرة المباركة.

وأراد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم أن يتفقّد ابنته فاطمة وأن تكتحل عليناه برؤية ابنه الحسن، وقبل أن يدخل المسجد لأداء صلاة الظهر مرّ على بيت فاطمة فإذا عليها كساءٌ بالٍ غليظ، والعرق يتصبّب منها وهي جالسة تُدير الرحى بيد وتُمسك بالأخرى ولدها الحسن وهي ترضعه، وقد أخذ التعب منها كل مأخذ، فما تمالك الأب الرحيم أن سالت دمعته على خدّه وهو ينظر إلى ما تعانيه ابنته من الفقر والحرمان والتعب والنصب، وتوجّه إليها صلّى الله عليه وآله وسلّم يواسيها بلهجته الرسالية السامية:

ـ يا بنتاه تعجّلي مرارة الدنيا بحلاوة الآخرة.

يا فاطمة ليست الدنيا من محمّد ولا آل محمد.

ـ والله يا رسول الله ، إني على ما بي من تعب ونصب لأحمد الله سبحانه وتعالى على نعمائه وأشكره على آلائه( 3 ).

فأنزل الله تعالى عليه:

] ولسوف يعطيك ربك فترضى [ ( 4 ) الضحى: 5.

ـــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار 43 / 240 ـ 241، نقله عن علل الشرائع ومعاني الأخبار.
(2) قبح الله كل من يطلق على من ساء خلقه لقب بابا حسن، وقبح الله بني أمية الذين ابتدعوا هذه البدعة الخبيثة كرهاً بالإمام الحسن وأبيه عليه عليهما السلام.
(3) بحار الأنوار 43 / 86 .
(4) مناقب ابن شهراشوب 3 / 120 نقله عن تفسير الثعلبي عن الإمام الصادق وتفسير القشري عن جابر الأنصاري ـ بحار الأنوار 43 / 85 ـ عوالم الملوم والمعارف 11 / 133.