زواج الزهراء عليها السلام New Page 2 Nano Nano Made on Update- by MaxPack موقع بضعة الرسول ع

موقع بضعة الرسول ع

زواج الزهراء عليها السلام

فاقت فاطمة الزهراء عليها السلام نساء عصرها في الحسب والنسب، فهي بنت محمد رسول الله صلّى الله عليه وآله وخديجة رضي الله عنها، ووريثة الفضل والعلم والسجايا الخيّرة، وغاية الجمال الخلقي والخُلقي، ونهاية الكمال المعنوي الإنساني، علا شأوها وتألق نجمها، وهي بالإضافة إلى خصائصها عليها السلام الشخصية بنت محمد صلّى الله عليه وآله الذي غزا الكفر والشرك في عقر داره، وقويت شوكته وظهرت قوته.

فما أدركت فاطمة عليها السلام مدرك النساء حتى خطبها أكابر قريش من أهل الفضل و السابقة في الإسلام والشرف و المال، وكان كلّما ذكرها رجل من قريش لرسول الله صلّى الله عليه وآله أعرض عنه الرسول صلّى الله عليه وآله بوجهه، حتى كان الرجل منهم يظنّ في نفسه أنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ساخط عليه(1).

ورسول الله صلّى الله عليه وآله كان قد حبسها على عليّ، ويرغب في أن يخطبها منه(2). لأنّه مأمور أن يزوّج النور من النور(3).

عن بريدة قال: خطب أبو بكر فاطمة عليها السلام فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله:

ـــــــــــــــ

(1) كشف الغمة ج 1 ص 353.
(2) كشف الغمة ج 1 ص 354.
(3) دلائل الإمامة ص 19.

[40]

إنّها صغيرة، وإنّي أنتظر بها القضاء. فلقيه عمر فأخبره، فقال: ردّك، ثمّ خطبها عمر فردّه(1).

وروي أنّ عبد الرحمن خطبها فلم يجبه ((و في رواية غير أنه قال بكذا من المهر)) فغضب رسول الله صلّى الله عليه وآله ومدّ يده إلى حصواتٍ فرفعها فسبحت في يده وجعلها في ذيله فصارت درّاً ومرجاناً، يعرض به جواب المهر(2).

اقتراح:

ذات يوم كان أبو بكر وعمر جالسين في مسجد رسول الله صلّى الله عليه وآله ومعهما سعد بن معاذ الأنصاري، فتذاكروا فاطمة بنت رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال أبو بكر: قد خطبها الأشراف من رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال: إنّ أمرها إلى ربّها، إن شاء يزوجها زوجها. وإنّ علي بن أبي طالب لم يخطبها من رسول الله صلّى الله عليه وآله ولم يذكرها له، ولا أراه يمنعه من ذلك إلاّ قلّة ذات اليد، وإنّه ليقع في نفسي أنّ الله عزّ وجلّ، ورسوله صلّى الله عليه وآله إنّما يحبسانها عليه، فإن منعه قلّة ذات اليد واسيناه وأسعفناه، فقال له سعد بن معاذ وفقك الله.

قال سلمان الفارسي: فخرجوا من المسجد والتمسوا علياً فلم يجدوه، وكان ينضح ببعير ـ كان له ـ الماء على نخل رجل من الأنصار بأجرة، فانطلقوا نحوه.

فلمّا نظر إليهم علي عليه السلام قال: ما وراءكم، وما الذي جئتم له؟

فقال أبو بكر: يا أبا الحسن، إنّه لم يبق خصلة من خصال الخير إلاّ ولك فيها سابقة وفضل، وأنت من رسول الله صلّى الله عليه وآله بالمكان الذي قد عرفت من القرابة والصحبة والسابقة، وقد خطب الأشراف من قريش إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله ابنته فاطمة فردّهم، وقال: إنّ أمرها إلى ربّها إنّ شاء يزوّجها زوّجها، فما يمنعك أن تذكرها لرسول الله صلّى الله عليه وآله وتخطبها منه؟ فإنّي أرجو أن يكون الله عزّ وجل ّ ورسوله صلّى الله عليه وآله إنّما يحبسانها عليك.

ـــــــــــــــ

(1) تذكرة الخواص ص 306.
(2) تذكرة الخواص ص 306.

[41]

قال: فتغرغرت عينا علي بالدموع، وقال: يا أبا بكر لقد هيّجت منّي ساكناً، وأيقظتني لأمر كنت عنه غافلاً، والله إنّ فاطمة لموضع رغب، وما مثلي قعد عن مثلها، غير أنّه يمنعني من ذلك قلّة ذات اليد.

فقال أبو بكر: لا تقل هذا يا أبا الحسن فإنّ الدنيا وما فيها عند الله تعالى ورسوله كهباء منثور، فعجل في خطبتها(1).

تأجّج الخواطر:

علي عليه السلام وفاطمة عليها السلام عاشا تحت سقف واحد (2)، وتخرّجا من مدرسة واحدة، وهي مدرسة النبيّ صلّى الله عليه وآله وخديجة رضي الله عنها، وقد عرف علي، فاطمة عن كثب، وهو يعلم أنّ الأرض لا تحمل على ظهرها امرأة كفاطمة جمعت الفضائل والكمالات، وحُبّها في أعماق قلبه خالص صميميّ، والفرصة تمرّ مرّ السحاب وقد لا تعود.

تأمّل الإمام اقتراح أبي بكر وبقي عليه السلام بين الحالة التي يعيشها هو المجتمع الإسلامي من فقر وفاقة وضيق في المعيشة يصرفه عن التفكير في الزواج ويشغله عن نفسه وهواجسها في بناء الأسرة، وبين واقعه الشخصي وقد تجاوز الواحدة والعشرين من العمر (3) وآن له أنّ يتزوّج من فاطمة التي لا كفؤ لها سواه ولا كفؤ له سواها، وهي نسيج لا يتكرر، وقد حانت الفرصة وآن الأوان، ومن أين يأتي بفاطمة إذا فرّط بالفرصة، فلينطلق إذن!

عليّ يتقدم للخطبة:

وقع اقتراح أبي بكر موقع القبول عند علي عليه السلام وتأجّجت في روحه جذوة الحبّ، فما أكمل عمله وإنّما حلّ عن ناضحه وأقبل يقوده إلى منزله فشدّه منه، ولبس نعله وأقبل إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وكان رسول الله صلّى الله عليه وآله

ـــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار ج 43 ص 125.
(2) مناقب ابن شهر آشوب ج 2 ص 18.
(3) ذخائر العقبى ص 26.

[42]

في منزل أم سلمة، فدقّ عليّ عليه السلام الباب.

فقالت أم سلمة: من بالباب؟

فقال لها رسول الله صلّى الله عليه وآله: (1) قومي يا أم سلمة فافتحي له الباب ومريه بالدخول، فهذا رجل يحبّه الله ورسوله ويحبّهما.

فقالت أم سلمة: فداك أبي وأمي، من هذا الذي تذكر فيه هذا وأنت لم تره؟

فقال: مه يا أم سلمة، فهذا رجل ليس بالخرق ولا بالنزق، هذا أخي وابن عمّي وأحبّ الخلق إليّ.

فقالت أم سلمة: فقمت مبادرة، أكاد أعثر بمرطي، ففتحت الباب فإذا أنا بعليّ بن أبي طالب عليه السلام.

فدخل على رسول الله صلّى الله عليه وآله، فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله بركاته.

فقال له النبي صلّى الله عليه وآله: وعليك السلام، يا أبا الحسن، اجلس، فجلس عليّ بن أبي طالب عليه السلام بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله وجعل ينظر إلى الأرض كأنّه قصد لحاجة وهو يستحي أن يبينّها، فهو مطرق إلى الأرض حياءً من رسول الله صلّى الله عليه وآله.

فكأن النبيّ صلّى الله عليه وآله علم ما في نفس عليّ عليه السلام فقال له: يا أبا الحسن، إنّي أرى أنّك أتيت لحاجة، فقل حاجتك وأبد ما في نفسك، فكلّ حاجة لك عندي مقضية.

قال علي عليه السلام: فقلت: فداك أبيّ وأمي إنّك لتعلم أنّك أخذتني من عمّك أبي طالب و من فاطمة بنت أسد وأنا صبيّ، فغذيتني بغذائك، وأدّبتني بأدبك، فكنت إليّ أفضل من أبي طالب ومن فاطمة بنت أسد في البرّ والشفقة، وإنّ الله تعالى هداني بك وعلى يديك. وإنّك والله ذخري

ـــــــــــــــ

(1) من قبل أن يقول عليّ: أنا عليّ.

[43]

وذخيرتي في الدنيا والآخرة، يا رسول الله صلّى الله عليه وآله فقد أحببت مع ما شدّ الله من عضدي بك، أن يكون لي بيت وأن يكون لي زوجة أسكن إليها، وقد أتيتك خاطباً راغباً أخطب إليك ابنتك فاطمة، فهل أنت مزوّجي يا رسول الله؟

فتهلّل وجه رسول الله صلّى الله عليه وآله فرحاً وسروراً، وأتى فاطمة فقال: ((إنّ علياً قد ذكرك وهو من قد عرفت، فسكتت، فقال: الله أكبر، سكوتها رضاها، فخرج فزوّجها))(1).

التوافق:

قالت أم سلمة: فرأيت وجه رسول الله صلّى الله عليه وآله يتهلّل فرحاً وسروراً، ثم تبسّم في وجه عليّ عليه السلام فقال: يا أبا الحسن فهل معك شيء أزوّجك به؟.

فقال عليّ عليه السلام: فداك أبي وأمي، والله ما يخفى عليك من أمري شيء، أملك سيفي ودرعي وناضحي، وما أملك شيئاً غير هذا.

فقال له رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا عليّ، أمّا سيفك فلا غنى بك عنه، تجاهد به في سبيل الله، وتقاتل به أعداء الله، وناضحك تنضح به على نخلك وأهلك وتحمل عليه رحلك في سفرك، ولكنّي قد زوّجتك بالدرع ورضيت بها منك.

يا أبا الحسن، أأبشرك؟.

قال علي عليه السلام قلت: نعم فداك أبي وأمي بشّرني، فإنّك لم تزل ميمون النقيبة، مبارك الطائر، رشيد الأمر، صلّى الله عليك.

فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله: أبشّرك يا أبا الحسن! فإنّ الله عزّ وجلّ قد زوّجكها في السماء من قبل أن أزوّجكها في الأرض. ولقد هبط عليّ في موضعي من قبل أن تأتيني جبرئيل من السماء فقال: يا محمد، إنّ الله ـ عزّ

ـــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار ج 43 ص 127، ذخائر العقبى ص 29.

[44]

وجلّ ـ اطّلع إلى الأرض اطلاعة، فاختارك من خلقه فبعثك برسالته، ثمّ اطلع إلى الأرض ثانية فاختار لك منها أخاً ووزيراً وصاحباً وختناً فزوّجه ابنتك فاطمة عليها السلام، وقد احتفلت بذلك ملائكة السماء.

يا محمد، إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ أمرني أن آمرك أن تزوّج علياً في الأرض فاطمة، وتبشّرهما بغلامين زكيين نجيبين طاهرين خيّرين فاضلين في الدنيا والآخرة، يا أبا الحسن فوالله ما عرج الملك من عندي حتى دقّقت الباب(1).

خطبة العقد

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أمضي يا أبا الحسن أمامي فإنّي خارج إلى المسجد ومزوّجك على رؤوس الناس، وذاكر من فضلك ما تقرّ به عينك وأعين محبيك في الدنيا والآخرة.

فقال علي: فخرجت من عند رسول الله صلّى الله عليه وآله مسرعاً، وأنا لا أعقل فرحا وسروراً، فاستقبلني أبو بكر وعمر فقالا: ما وراءك؟ فقلت: زوّجني الله من السماء، وهذا رسول الله صلّى الله عليه وآله خارج في أثري ليظهر ذلك بحضرة الناس، ففرحا بذلك فرحاً شديداً ورجعا معي إلى المسجد، فما توسّطناه حتى لحق بنا رسول الله صلّى الله عليه وآله، وإنّ وجهه يتهلل سروراً فرحاً.

فقال: يا بلال. فأجابه، فقال: لبيك يا رسول الله. قال: اجمع إليّ المهاجرين والأنصار. فجمعهم.

ثم رقى درجة من المنبر، فحمد الله و أثنى عليه، وقال: معاشر المسلمين، إنّ جبرئيل أتاني آنفا فأخبرني عن ربّي ـ عزّ وجل ـ أنّه جمع الملائكة عند البيت المعمور، وأنّه أشهدهم جميعاً أنّه زوّج أمته فاطمة ابنة رسول الله صلّى الله عليه وآله من عبده علي بن أبي طالب، وأمرني أن أزوّجه في الأرض، وأشهدكم على ذلك.

ـــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار ج 43 ص 127.

[45]

ثمّ جلس، وقال لعلي عليه السلام، قم يا أبا الحسن فاخطب أنت لنفسك.

قال: فقام، فحمد الله وأثنى عليه، وصلّى على النبيّ صلّى الله عليه وآله وقال: الحمد لله شكراً لأنعمه وأياديه، ولا إله إلا الله شهادة تبلغ مراضيه، وصلّ الله على محمد صلاة تزلفه، والنكاح ممّا أمر الله عزّ وجلّ به ورضيه، ومجلسنا هذا مما قضاه الله وأذن فيه، وقد زوّجني رسول الله صلّى الله عليه وآله ابنته فاطمة، وجعل صداقها درعي هذا، وقد رضيت بذلك فاسألوه واشهدوا.

فقال المسلمون لرسول الله صلّى الله عليه وآله: زوّجته يا رسول الله صلّى الله عليه وآله؟ فقال نعم، بارك الله لهما وعليهما وجمع شملهما.

وانصرف رسول الله إلى أزواجه وأمرهن أن يدففن لفاطمة(1).

وكان زواجها من عليّ بعد مقدمها المدينة بسنتين ـ أو ثلاثة (2) ـ أوّل يوم من ذي الحجة، وقيل: إنّه كان يوم السادس منه(3).

اختيار الصهر:

أكدّ الإسلام على أن الميزان الإسلامي في اختيار الزوج هو الخلق والدين، لا الثروة والمال وحطام الدنيا، إذ أنّ الغنى والثروة لوحدها لا تضمن سعادة الأسرة، وإنّما يضمن ذلك التدين، والخلق الرفيع، وخوف الله والإيمان به فهل تنتظر من ثري أحمق يركض وراء سراب الشهوات، ويعبد الأهواء واللذات الرخيصة، ولا يشعر بالمسؤولية، أن يسعد عائلته؟!

لذا أمر الإسلام جميع المسلمين أن يسألوا عن خلق الزوج ودينه قبل أن يسألوا عن ثروته وماله، وقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: من جاءكم ترضون دينه

ـــــــــــــــ

(1) يمكن الحصول على المطالب المذكورة في هذا الفصل من الكتب التالية: كشف الغمة ج 1 ص 353 ـ 359، المناقب ـ ابن شهر آشوب ج 3، ذخائر العقبى، تذكرة الخواص، دلائل الإمامة، مناقب الخوارزمي ص 247، بحار الأنوار ج 43 ص 92 ـ 145.
(2) البحار ج 43 ص 6 و 7.
(3) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 349.

[46]

وخلقه فزوجوه، إلاّ تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير(1).

وكان الرسول الأكرم صلّى الله عليه وآله الذي علّم المسلمين ذلك أول من ترجمه إلى الواقع، حين رجّح علياً، لتقواه وفضله و خلقه وكمالاته، ولم يعبأ بفقره وضيق ذات يده، على ثروة عبدالرحمن وماله.

مهر الزهراء عليها السلام:

1 ـ درع بمبلغ 400 درهماً، وقيل 480 درهماً، وقيل 500 درهما.

2 ـ برد حبرة(2).

3 ـ إهاب(3).

درس عملي:

الإسلام لا يرى من صلاح الأمة أن تعقد على المهور العالية، ويوصي بالإقتناع بالقليل وترك التعصّب والمماطلة في المهور، إذا ما رضوا بدين الرجل وخلقه.

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: أفضل نساء أمتي أقلهن مهراً(4).

وقال الإمام الصادق عليه السلام: شؤم المرأة في كثرة صداقها.

يعتقد الإسلام أن المسابقة في ازدياد المهور يصعّب الحياة على الناس، ويخلق للأمة مشاكل كبيرة.

فلابد من استمالة الشباب لبناء الأسرة ـ من خلال تسهيل أمر الزواج ـ لنتقي آلاف المفاسد الاجتماعية و الأمراض الروحية.

المهور العالية تثقل ميزانية الزوج وتزلزل وضعه الاقتصادي في إبان

ـــــــــــــــ

(1) الوافي كتاب النكاح ص 17.
(2) ثوب يصنع باليمن من القطن أو الكتان.
(3) الجلد ما لم يدبغ، مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 351.
(4) الوافي كتاب النكاح ص 15.

[47]

حياته، وتؤثر على المحبة والصفاء بين الزوجين، فينفر الشاب من الزواج والنبي الأكرم صلّى الله عليه وآله زوج ابنته العزيزة بذلك المهر المتواضع، من علي بن أبي طالب عليه السلام ولم يجعل في ذمته شيئاً ـ و لو بعنوان الدين ـ كي يفهم الناس عملياً أن المهور الثقلية العالية ليست في مصالح الأمة واقعاً.

جهاز الزهراء عليها السلام:

أقبل رسول الله صلّى الله عليه وآله فقال لعلي: يا أبا الحسن انطلق الآن فبع درعك، وائتني بثمنه، حتى أهيئ لك ولابنتي فاطمة ما يصلحكما.

قال علي: فانطلقت فبعته بأربعمائة درهم سود هجرية وروي 480 وروي 500 وروي أن الدرع اشتراها عثمان ثم أهداها لعلي(1) وأقبلت إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله فطرحت الدراهم بين يديه، فأعطى قبضة إلى أمّ أيمن لمتاع البيت، وقبضة إلى أسماء للطيب، وقبضة إلى أمّ سلمة للطعام، وأنفد عماراً وأبا بكر وبلالاً للابتياع ما يصلحها، وكان ما اشتروه.

1 ـ قميص.

2 ـ خمار.

3 ـ قطيفة سوداء خيبرية.

4 ـ وسرير مزمل بشريط.

5 ـ فراشان من خيش (2) مصر، حشوا أحدهما ليف، وحشو الأخر من جزّ الغنم.

6 ـ أربع مرافق من أدم الطائف، وحشوها إذفر(3).

7 ـ ستراً من صوف.

8 ـ حصير هجري.

9 ـ رحا اليد.

ـــــــــــــــ

(1) البحار ج 43 ص 130.
(2) الخيش: نسيج خشن من الكتان.
(3) الاذفر: حشيش طيب الريح.

[48]

10 ـ سقاء من أدم.

11 ـ مخضب (1) من نحاس.

12 ـ قعب(2).

13 ـ شن(3).

14 ـ مطهرة مزفتة(4).

15 ـ جرّة خضراء.

16 ـ كيزان خزاف.

17 ـ نطع من أدم.

18 ـ عباءة.

19 ـ قربة ماء.

قالوا: وحلمناه جميعاً حتى وضعناه بين يدي رسول الله صلّى الله عليه وآله فلما نظر إليه بكى وجرت دموعه، ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللّهم بارك لقوم جلّ آنيتهم الخزف (5) .

درس للمسلمين:

كان زواج الزهراء عليها السلام نموذجاً فريداً للزواج الإسلامي، وذلك لأنّ أركانه، علي وفاطمة، ومحمد صلّى الله عليه وآله.

فالزوج: علي عليه السلام أوسط العرب نسباً، وأعظمهم شرفاً وشجاعة وعلماً، خليفة رسول الله صلّى الله عليه وآله ووزيره، بطل الإسلام والقائد العام للقوات المسلحة، وقطب الرحى في حروب المسلمين ومعاركهم.

والزوجة فاطمة بنت محمد صلّى الله عليه وآله أكمل النساء عقلاً وأشرفهن حسباً

ـــــــــــــــ

(1) المخضب: وعاء لغسل الثياب أو خضبها.
(2) القعب: القدح الضخم الغليظ.
(3) الشن: القربة الصغيرة.
(4) مزفتهُ مطلية بالزفت وهو نوع من القير.
(5) مناقب ابن شهر آشوب ج 3 ص 353 وكشف الغمة ج 1 ص 359.

[49]

ونسباً، وأجملهن خلقاً، وأحسنهن خُلقاً وإحدى النساء الأربعة اللواتي فضّلهن الله على نساء العالمين.

وأبوهاُ رسول الله صلّى الله عليه وآله الرجل الأول في الجزيرة العربية بل في العالم الإسلامي كلّه، حبيب الله وصفيّه وخيرته من خلقه.

فماذا ستكون تشريفات الزواج ومراسمه؟!

جهاز بسيط مر ذكره، اشتري من صداق الزهراء عليها السلام وليس من أموال أبيها، ووليمة متواضعة ـ كما سيأتي ـ لا بذخ فيها ولا إسراف.

أليس زواج الزهراء عليها السلام ـ المرأة النموذجية في الإسلام ـ زواجاً نموذجياً، ودرساً توجيهياً، وقدوة صالحة لكلّ المسلمين؟!

أو لم يتمكن الرسول صلّى الله عليه وآله [ كأيّ أب يريد أن تنتقل ابنته إلى بيت الزوجية ـ مرفوعة الرأس عزيزة ! ـ ] أن يشتري للزهراء عليها السلام أفخر الأثاث واللباس ويولم لها أعظم وليمة ويقول: إنّي شريف قومي، وابنتي خير النساء، وصهري زين الرجال، ولابدّ أن أراعي شأني وما يناسبني، وأبذل لوحيدتي ما يبذل لمثلها في ذلك الزمان؟!

ولو جرّ ذلك ديناً ـ كما يفعل بعض المعاصرين الذين يغطّون إلى آذانهم في الديون والمآسي، لأنّه أبو البنت، وعليه أن يبذل من ماله لا من صداقها.

لم يفعل الرسول صلّى الله عليه وآله شيئاً من ذلك و حاشاه أن يفعل ـ و هو يعرف الأضرار والمفاسد التي تترتب على ارتفاع المهور و زيادة كلفة الزواج، ويعرف البلاء الذي سيعمّ بلاد المسلمين إذا أصيبوا بهذا المرض من الفقر، والخسران، والانكسار الاقتصادي وكثرة الطلاق، وتخدّش العواطف، وتنصل الشباب عن مسؤولياتهم وعزوفهم عن بناء الأسرة الإسلامية، وانتشار العزوبة بين الشباب والفتيات، فتفشوا الجريمة، وتزداد الجنايات وتشيع الفاحشة والأمراض الاجتماعية والعصبية.

[50]

ولهذا كان زواج الزهراء عليها السلام النموذج الأمثل ـ بسيطاً لا تكلّف فيه ولا إسراف، ليكون درساً عملياً وعلاجاً ناجحاً وطريقاً واضحاً للمسلمين عموماً، وللمتصدين لإدارة شؤونهم خاصة.

وعلي عليه السلام ـ أيضاً ـ لم يتزوّج للمال والثروة، كسائر الشبان فإذا ما وجدوا نقصاً في ((الجهيزية)) (الجهيزية: هي ما يقدمه أهل الزوجة للزوج وهو يتضمن أكثر أثاث البيت وهي عادة منتشرة جداً في المجتمع الإيراني حتى كأنها الصداق الواجب ويقاس ـ عند الجهلة وغير الواعين ـ عزّ العروس بما يقدمه أهلها عند خروجها من بيتهم) حوّلوا الحياة الوديعة إلى جحيم لا يطاق، وصبّوا جام غضبهم على الزوجة البريئة، وزلزلوا البيت تحت أقدامهم، واستبدلوا الحنان والدفء بالقسوة والبرد، والهدوء في الحياة الزوجية إلى صخب وضجيج، وحوّلوا البيت إلى سجن يختاره الزوجان بملء إرادتهما.

عليّ عليه السلام الإمام والقدوة المدّخر لغد المسلمين، حارب الأفكار البالية، وطمس المعالم المغلوطة فهزمها، وما قيمة المال في نظره الشريف؟!

أثاث بيت الإمام علي عليه السلام:

وكان من تجهيز علي داره:

1 ـ نصب خشبة من حائط إلى حائط للثياب.

2 ـ بسط إهاب كبش.

3 ـ مخدّة ليف.

4 ـ منخل.

5 ـ قربة للماء(1).

 

مفاوضات الزفاف:

قال عليّ عليه السلام: ومكثت بعد ذلك شهراً لا أعاود رسول الله صلّى الله عليه وآله في

ـــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار ج 43 ص 114 والمناقب لابن شهر آشوب ج 3 ص 35.

[51]

أمر فاطمة بشيء ـ استحياءً من رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ غير أنّي كنت إذا خلوت برسول صلّى الله عليه وآله يقول لي: يا أبا الحسن ما أحسن زوجتك وأجملها! أبشر يا أبا الحسن فقد زوّجتك سيّدة نساء العالمين.

فقال عليّ عليه السلام: فلمّا كان بعد شهر دخل عليّ أخي عقيل فقال: يا أخي ما فرحت بشيء كفرحي بتزويجك فاطمة بنت محمد صلّى الله عليه وآله. يا أخي، فما بالك لا تسأل رسول الله صلّى الله عليه وآله يدخلها عليك؟ فتقرّ عيناً باجتماع شملكما.

قال عليّ: والله يا أخي إنّي لأحبّ ذلك و ما يمنعني من مسألته إلاّ الحياء منه.

فقال: أقسمت عليك إلاّ قمت معي؛ فقمنا نريد رسول الله صلّى الله عليه وآله، فلتقينا في طريقنا أمّ أيمن، مولاة رسول الله صلّى الله عليه وآله، فذكرنا ذلك لها: فقالت: لا تفعل ودعنا نحن نكلّمه، فإنّ كلام النساء في هذا الأمر أحسن وأوقع بقلوب الرجال.

ثم انثنت راجعة فدخلت إلى أمّ سلمة، فأعلمتها بذلك وأعلمت نساء النبي صلّى الله عليه وآله فاجتمعن عند رسول الله صلّى الله عليه وآله فأحدقن به وقلن: فديناك بآبائنا وأمهاتنا ـ يا رسول الله ـ قد اجتمعنا لأمر لو أنّ خديجة في الأحياء لقرّت بذلك عينها.

قالت أمّ سلمة فلمّا ذكرنا خديجة بكى رسول الله صلّى الله عليه وآله ثم قال: خديجة، وأين مثل خديجة؟ صدقتني حين كذّبني الناس، ووازرتني على دين الله، وأعانتني عليه بمالها، إنّ الله عزّ وجلّ أمرني أن أبشّر خديجة ببيت في الجنة من قصب (الزمرد) لا صخب فيه و لا تعب.

قالت أمّ سلمة: فقلنا فديناك بآبائنا وأمّهاتنا، يا رسول الله صلّى الله عليه وآله! إنّك لم تذكر من خديجة أمراً إلاّ وقد كانت كذلك، غير أنّها قد مضت إلى ربّها، فهنأها الله بذلك، وجمع بيننا وبينها في درجات جنته ورضوانه

[52]

ورحمته. يا رسول الله صلّى الله عليه وآله وهذا أخوك في الدين، وابن عمك في النسب، علي بن أبي طالب يحبّ أن تدخل عليه زوجته فاطمة عليها السلام وتجمع بها شمله.

فقال: يا أمّ سلمة، فما بال عليّ لا يسألني ذلك؟

فقلت: يمنعه الحياء منك يا رسول الله صلّى الله عليه وآله!.

قالت أمّ أيمن: فقال لي رسول الله صلّى الله عليه وآله: انطلقي إلى عليّ فائتيني به. فخرجت من عند رسول الله صلّى الله عليه وآله فإذا عليّ ينتظرني ليسألني عن جواب رسول الله صلّى الله عليه وآله، فلمّا رآني قال: ما وراءك يا أمّ أيمن.

قلت: أجب رسول الله صلّى الله عليه وآله.

قال عليه السلام: فدخلت عليه وقمن أزواجه فدخلن البيت، وجلست بين يديه، مطرقاً نحو الأرض حياءً منه، فقال: أتحبّ أن تدخل عليك زوجتك؟ فقلت ـ وأنا مطرق ـ: نعم فداك أبي و أميّ. فقال: نعم وكرامة يا أبا الحسن! أدخلها عليك في ليلتنا هذه أو في ليلة غد إن شاء الله. فقمت فرحاً مسروراً، وأمر صلّى الله عليه وآله أزواجه أن يزيّن فاطمة عليها السلام ويطيّبنها ويفرشن لها بيتاً ليدخلنها على بعلها ففعلن ذلك (1) .

حفل الزفاف:

قال رسول الله صلّى الله عليه وآله: يا عليّ، لابدّ للعرس من وليمة. فقال سعد: عندي كبش، وجمع له رهط من الأنصار أصواعاً من ذرة.

وأخذ رسول الله صلّى الله عليه وآله من الدراهم التي سلّمها إلى أمّ سلمة عشرة دراهم فدفعها إلىّ وقال: اشتر سمناً وتمراً وأقطاً. فاشتريت وأقبلت به إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله، فحسر عن ذراعيه ودعا بسفرة من أدم وجعل يشرخ التمر والسمن ويخلطهما بالأقط حتى اتخذه حيساً. ثم قال: يا علي ادع من أحببت.

ـــــــــــــــ

(1) بحار الأنوار ج 43 ص 130 ـ 132.

[53]

فخرجت إلى المسجد وأصحاب رسول الله صلّى الله عليه وآله متوافرون، فقلت: أجيبوا رسول الله صلّى الله عليه وآله فقاموا جميعاً، وأقبلوا نحو النبيّ صلّى الله عليه وآله فأخبرته أنّ القوم كثير فجلّل السفرة بمنديل، وقال: أدخل عليّ عشرة بعد عشرة، ففعلت: وجعلوا يأكلون ويخرجون لا ينقص الطعام، وكان النبيّ صلّى الله عليه وآله يصبّ الطعام بيده والعباس وحمزة وعلي وعقيل يستقبلون الناس، ثمّ دعا رسول الله صلّى الله عليه وآله بالصحاف فملئت لفقراء المدينة الذين لم يحضروا الوليمة ثم. أخذ صحفة وقال: هذا لفاطمة وبعلها(1).

الزفاف:

كان النبيّ صلّى الله عليه وآله أمر نساءه أن يزيّن فاطمة ويطيّبنها ثمّ دعا بابنته فاطمة عليها السلام ودعا بعلي عليه السلام فأخذ علياً بيمينه وفاطمة بشماله وجمعهما إلى صدره فقبّل بين أعينهما، ثم دعا فاطمة وأخذ بيدها فوضعها في يد عليّ وقال: بارك الله لك في ابنة رسول الله، يا علي! نعم الزوج فاطمة، ويا فاطمة نعم البعل علي عليه السلام.

ثم أمر النبيّ صلّى الله عليه وآله بنات عبدالمطلب ونساء المهاجرين والأنصار أن يمضين في صحبة فاطمة، وأن يفرحن ويرجزن ويكبرّن ويحمدّن، ولا يقلن ما لا يرضي الله، وكانت النسوة يكبرّن ودخلن الدار.

ثم أمر النبيّ صلّى الله عليه وآله بمخضب مملوء بماء، فدعا بفاطمة فأخذ كفّاً من ماء فضرب به على رأسها، وكفّاً بين يديها، ثم رشّ جلدها. ثمّ دعا بمخضب آخر لعلي وصنع معه كما صنع مع فاطمة، ثمّ أمرهما أن يتوضآ ثمّ وثب، فتعلقت به وبكت فقال لها: ما يبكيك؟ فقد زوّجتك أعظمهم حلماً وأكثرهم علماً. ثم خرج من عندهما فأخذ بعضادتي الباب فقال: طهّركما الله وطهّر نسلكما، أنا سلم لم سالمكم وحرب لمن حاربكم، استودعكما الله واستخلفه عليكما، وأغلق الباب وأمر النساء فخرجن.

ـــــــــــــــ

(1) البحار ج 43 ص 132 و 137 و 114 و106.

[54]

فلمّا أراد الخروج رأى امرأة فقال: من أنت؟ قالت: أسماء، فقال: ألم آمرك أن تخرجي (1)؟ قالت أسماء: بلى يا رسول الله ـ فداك أبي وأمي ـ وما قصدت خلافك، ولكنّي أعطيت خديجة عهداً. فحينما حضرت الوفاة خديجة بكت فقلت: أتبكين وأنت سيّدة نساء العالمين؟ وأنت زوجة النبيّ صلّى الله عليه وآله ومبشّرة على لسانه بالجنة، فقالت: ما لهذا بكيت، ولكنّ المرأة ليلة زفافها لابدّ لها من امرأة تفضي إليها بسرها، وتستعين بها على حوائجها، وفاطمة حديثة عهد بصبى، وأخاف أن لا يكون لها من يتولّى أمرها حينئذٍ. فقلت: يا سيّدتي! لك عليّ عهد الله إن بقيت إلى ذلك الوقت أن أقوم مقامك في هذا الأمر. فبكى ـ رسول الله صلّى الله عليه وآله ـ فقال: بالله لهذا وقفت؟ فقلت: نعم والله، فدعا لي.

زيارة الزهراء عليها السلام:

دخل رسول الله صلّى الله عليه وآله على فاطمة عليها السلام في صبيحة عرسها بقدح فيه لبن. فقال: اشربي فداك أبوك. ثمّ قال: لعلي عليه السلام اشرب فداك ابن عمك(2).

ثمّ سأل علياً: كيف وجدت أهلك؟

قال: نعم العون على طاعة الله.

وسأل فاطمة فقالت: خير بعل (3) .

ومكث رسول الله صلّى الله عليه وآله بعد ذلك ثلاثاً لا يدخل عليهم فلمّا كان في

ـــــــــــــــ

(1) ورد في الروايات أنّ أسماء بنت عميس حضرت زفاف فاطمة وفعلت، وأسماء كانت مهاجرة بأرض الحبشة مع زوجها جعفر بن أبي طالب عليه السلام ولم تعد هي ولا زوجها إلاّ يوم فتح خيبر ولم تشهد الزفاف، والتي شهدت الزفاف سلمى بنت عميس أختها هي زوجة حمزة بن عبد المطلب عليه السلام ولعلّ الأخبار عنها، وكانت أسماء أشهر من أختها عند الرواة فرووا عنها، أو سها راوٍ واحد فتبعوه، ولعلّ أسماء المقصودة هنا هي أسماء بنت يزيد بن سكن الأنصارية..
(2) كشف الغمة ج 2 ص 99.
(3) بحار الأنوار ج 43 ص 117.

[55]

صبيحة اليوم الرابع جاء ودخل عليهم، وخلا بابنته وقال: كيف أنت يا بنيّة، وكيف رأيت زوجك؟

قالت له يا أبه، خير زوج، إلاّ أنّه دخل عليّ نساء من قريش، وقلن لي: زوّجك رسول الله صلّى الله عليه وآله من فقير لا مال له.

فقال لها: يا بنيّة، ما أبوك ولا بعلك بفقير، ولقد عرضت عليّ خزائن الأرض، فاخترت ما عند ربّي، والله يا بنيّة ما ألوتك نصحاً أن زوّجتك أقدمهم سلماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً.

يا بنيّة، إنّ الله ـ عزّ وجلّ ـ اطلع إلى الأرض فاختار من أهلها رجلين، فجعل أحدهما أباك، والآخر بعلك.

يا بنيّة، نعم الزوج زوجك، لا تعصي له أمراً.

ثمّ صاح رسول الله صلّى الله عليه وآله بعليّ: يا علي، فقال: لبيك يا رسول الله صلّى الله عليه وآله. قال: ادخل بيتك وألطف بزوجتك وارفق بها، فإنّ فاطمة بضعة منّي يؤلمني ما يؤلمها ويسرّني ما يسرّها، استودعكما الله واستخلفه عليكما (1) .

روى المجلسي عليه الرحمة أنّ علياً تزوّج فاطمة في شهر رمضان وبنى بها في أول ذي الحجة أو السادس منه(2).

ولمّا تزوّج عليّ فاطمة قال رسول الله صلّى الله عليه وآله لعلي: اطلب منزلاً. فطلب علي منزلاً فأصابه مستأخراً عن النبي صلّى الله عليه وآله قليلاً، فبنى بها فيه.

فجاء النبيّ صلّى الله عليه وآله إليها فقال: إنّي أريد أن أحوّلك إليّ، فقالت

ـــــــــــــــ

(1) يمكن مراجعة المصادر التالية لما كُتب عن زواج الزهراء، كشف الغمة ج 1، مناقب ابن شهر آشوب ج 3، تذكرة الخواص، بحار الأنوار ج 43، ذخائر العقبى، دلائل الإمامة، سيرة ابن هشام، مناقب الخوارزمي، ينابيع المودة، ناسخ التواريخ، اعلام الورى، الطبرسي، مجمع الزوائد ج 9.
(2) بحار الأنوار ج 43 ص 136.

[56]

لرسول الله صلّى الله عليه وآله: فكلّم حارثة بن النعمان أن يتحوّل عنّي، فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: قد تحوّل حارثة عنّا حتى قد استحييت منه. فبلغ ذلك حارثة فتحوّل وجاء إلى النبيّ صلّى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله صلّى الله عليه وآله إنّه بلغني أنّك تحوّل فاطمة إليك، وهذه منازلي وهي أسبق بيوت بني النجار بك، وإنّما أنا ومالي لله ولرسوله، والله يا رسول الله المال الذي تأخذ مني أحبّ إليّ من الذي تدع. فقال رسول الله صلّى الله عليه وآله: صدقت، بارك الله عليك، فحوّلها رسول الله إلى بيت حارثة (1).

ـــــــــــــــ

(1) طبقات ابن سعد ج 8 ص 22 ط بيروت دار صادر.